كان ثمة اعتقاد أنه مع بزوغ فجر الألفية الثالثة، سيتمكن العلماء من إعلان انتصارهم النهائي على الأمراض المنتقلة عن طريق العدوى، لكن يبدو ان هذا الاعتقاد كان مجرد حلم سريع التبدد امام جيش الميكروبات الذي لايزال يفتك ببني البشر!
فهل مازالت الميكروبات كثيرة العدد رغم وقوف الانسان في وجهها بأبحاثه المستمرة وعقاقيره المختلفة؟ أم هل غدت تلك الميكروبات شديدة المقاومة الى درجة أنها انتجت لنا طفرات تنبئ بظهور جيل جديد منها!
منذ 20 عاماً تقريباً كان طلاب كليات الطب يقرأون في أشهر كتب الطب الموجهة لطلاب الجامعات المعروفة بكتب هاريسون، ان الأمراض المعدية او تلك التي تنتقل عن طريق العدوى، هي من أسهل الأمراض التي يمكن للانسان الوقاية منها او ايجاد علاج سريع لها.
واليوم تعلن منظمة الصحة العالمية ان هذه الامراض تقتل سنوياً 13 مليون شخص عبر العالم، وأن تواترها يتزايد بشكل واضح حتى في الدول المتقدمة.
فقد بلغت نسبتها في الولايات المتحدة الامريكية 4,8% خلال الفترة الواقعة بين عامي 1981 – 1995 فهل نحن امام خطر ميكروبي مدلهم؟!
يقول إكزافييه ناصيف أستاذ الميكروبات في مستشفى نيكر للأطفال في باريس: “نفهم جيداً الأقوال التي جاءت في كتب هاريسون، فالعديد من الجوائح الميكروبية الكبرى اختفت تقريباً من الدول المتقدمة، فلم يعد احد يتحدث عن الدفتيريا (مرض الخانوق) ولا عن التيفوئيد.. الخ، بل غدا العلماء يعرفون جيداً أنواع البكتيريا المنتشرة بين الناس، ولذا فقد أوجدوا لغالبيتها عقاقير ناجعة الى درجة انهم شعروا بأنهم اصبحوا مسيطرين كلياً على الموقف، علماً بأنه كانت هناك الكثير من الميكروبات التي ظلت تقف حجر عثرة امام العلماء الى يومنا هذا”.
ويضيف ناصيف: أنه على الرغم من ظهور انواع جديدة من الامراض البكتيرية والفيروسية وأشهرها بالطبع الايدز، الا ان ثمة أمراضاً مشهورة كالملاريا والحمى الصفراء لاتزال تفتك بالناس في المناطق الاستوائية.
ولو قصرنا الكلام على الدول المتقدمة، لكان لزاماً علينا أن نتساءل عن السبب وراء الحديث عن الخطر الميكروبي فيها على الرغم من انه اصبح أقل تواجداً من ذي قبل، فعلى سبيل المثال نلاحظ ان الامراض التي كانت تنشأ عن ميكروبات مثل الانفلونزا المحبة للدم قد اختفت كلياً، الا ان ثمة ميكروبات اخرى مقاومة للمضادات الحيوية ظهرت رغم جميع محاولات العلماء للقضاء عليها. فمع نهاية السبعينات كانت لاتزال هناك ميكروبات بالغة المقاومة للمضادات الحيوية، لكن الترسانة العلاجية كانت غنية بالشكل الذي أدى الى القضاء على أي مقاومة.
ومنذ 15 سنة لم يظهر أي مضاد حيوي جديد، ولذا فقد استعادت العديد من الميكروبات سيطرتها من جديد وغدت أشد مقاومة من ذي قبل.
ولابد أن نعلم ان من الأسباب الاساسية للعدوى هو انخفاض نسبة المناعة عند المرضى.
ويعتقد د. ناصيف: ان السبب وراء ذلك يعود للتطور في حياتنا العامة والى وجود علاجات يمكن وصفها بالعدوانية لكنها تسمح للناس بالاستمرار على قيد الحياة.
ولنا ان نفكر بالممارسة اليومية التي يقوم بها الاطباء كاستخدام الخزعات المأخوذة من النخاع الشوكي، فهذه العمليات لم تكن ممكنة قبل عشرين سنة، لكن نظراً للعلاجات المعروفة بعلاجات كبت المناعة فإن مثل هؤلاء المرضى يجدون الشفاء المطلوب.
ويشير د. ناصيف الى ان العدوى او الاصابة تمثل النتيجة الطبيعية لكبت المناعة، فعلى سبيل المثال نجد ان القناة الهضمية والهواء الذي نستنشقه، يحتويان على كثير من الكائنات الدقيقة التي لا تبدي اي خطر لدى الشخص المتمتع بجهاز مناعي طبيعي.
وعلى النقيض من ذلك نجد ان هذه العضيات الحية الموجودة في الطبيعة يمكن ان تصبح مشكلة بحد ذاتها اذا كان ثمة عجز في النظام المناعي للشخص.
ومن هنا لابد للعلماء من العمل على ايجاد طرق ناجعة لتحسين الوسائل الصحية للمحافظة على الصحة العامة أو ترشيد عملية استعمال المضادات الحيوية، لكن يبقى من غير الممكن الوقاية كلياً من العدوى التي تصيب الاشخاص الذين تقل مناعتهم عن الحد الطبيعي امام الاعداد الهائلة من الميكروبات المنتشرة في البيئة.
من ناحية اخرى هناك اوبئة هائلة لم تزل تنتشر في كثير من الدول النامية، ففي افريقيا قضى مرض التهاب السحايا على مئات الاشخاص في العام ،1997 ومئات منهم قضوا في بوركينا فاسو منذ مدة قصيرة.
ولابد ان نشير ان ثمة امراضاً مشتركة تسببها ميكروبات مجهولة حتى الآن، فعلى سبيل المثال نجد ان قرحة المعدة ناتجة عن الاصابة بنوع من البكتيريا تسمى Helicobacter Pylori، علماً بأن هذه البكتيريا لم تكن معروفة قبل 20 سنة، كما ان هناك انواعاً اخرى من الميكروبات تسبب مرض العصاد (ترسب دهني وتكاثر في خلايا النسيج الليفي في الجدران الداخلية للشرايين) مثل الكلاميديا، وربما سيكتشف العلماء بعد فترة وجيزة ان بعض انواع السرطانات سببها يرجع الى عدوى بكتيرية أو ربما فيروسية، كبعض سرطانات المعدة المرتبطة بالتهابات المعدة المزمنة التي ترجع الى التعرض لبكتيريا “هيليكوباكتر بيلوري”. ويتساءل البعض عما اذا كانت فكرة الخطر الميكروبي فيها شيء من المبالغة؟
الواقع ان القلق والانفعال نابع من فكرة استيقاظ النائم، فعلى سبيل المثال نلاحظ ان مرض التهاب السحايا المخية الشوكية هو المرض البكتيري الوحيد القادر على قتل طفل سليم خلال ساعات (وخاصة اذا تعلق الامر ببعض الانواع الخطيرة النادرة)، وذلك لأنه مرض أو وباء ينتقل عن طريق العدوى. وطالما انه كذلك، فالناس يعتبرونه بمثابة الكابوس، لكن لحسن الحظ نلاحظ ان الاشكال السريرية منه تبقى استثنائية.
ولكن هل تستطيع الميكروبات التأقلم مع محاولاتنا للقضاء عليها؟
من هذه الناحية نجد ان حالة ما يسمى بالمكورات السحائية هي خير مثال على ذلك، فهذا الميكروب هو بشري بحت ويتخزن بشكل كبير في الحلق.
ولكن كيف يمكننا ان نفسر أن مثل هذا الميكروب قادر على قتل مضيفه؟! وهل يعني ذلك ان البكتيريا تتصرف بغباء او ان ثمة شيئاً لا نفهمه جيداً؟!
الواقع يجب ان نفهم ان مرض التهاب السحايا ما هو الا نتيجة استثنائية للعدوى بالمكورات السحائية، فهذه الاخيرة والانسان لم يزالا يتطوران منذ آلاف السنين، وكل واحد اصبح معتاداً على الآخر، فهناك 5% الى 15% من سكان الارض لديهم تلك المكورات لكنهم ليسوا مرضى، والوضع الطبيعي لهذه المكورات ألا تقتل مضيفها (الانسان)، لكن يلاحظ ان بعض الانواع منها تسبب ذلك وهو الامر الذي ينطبق تماماً على المكورات الرئوية (نوع من الجراثيم) المعروفة بصفتها وأصلها البشري البحت.
ولكن كيف السبيل للقضاء على هذه الميكروبات؟
يؤكد الدكتور ناصيف ان الامل معقود بايجاد اللقاح الفعال ضد مرض التهاب السحايا الناتج عن المكورات السحائية. وفي هذا الصدد يحاول العلماء ايجاد لقاحات مترافقة او متحدة وهو ما يعتبر تطوراً في عالم الطب، اذ يمتلك هؤلاء اليوم لقاحاً ضد المكورات الرئوية وآخر ضد المكورات السحائية من النوع C، لكن علينا ألا ننسى ان فعالية اللقاحات ضد الأمراض الميكروبية، وكذلك الحال بالنسبة للمضادات الحيوية لا تظهر الا مع الزمن وحتى الآن غدت اللقاحات المتوفرة قادرة تقريباً على القضاء على المرض. لكن الطبيعة لا تحب للأسف ان تترك فراغاً في مكان ما، فاختفاء هذا المرض، لابد انه سيترك الفرصة لغيره كي يحل مكانه، وهذا هو الطب بكل بساطة، فهو يتطور مع تطور الحياة برمتها كالبشر تماماً، فهذا شخص يموت وذلك شخص يولد.
ما هي السحايا؟
السحايا التهاب يصيب السحاءة أو ام الدماغ المكونة أصلاً من ثلاثة أغشية تلف الدماغ، فالمعروف ان النسيج العصبي يتميز برقته وهشاشته، ولذا فهو مدمج بالدماغ والعمود الفقري، لكنه لا يتصل مباشرة مع العظام، فهناك ثلاثة أغلفة تلفه وتحميه “الأم الحنون والغشاء العنكبوتي، والأم الجافية”.
وتتميز “الأم الحنون” برقتها وشفافيتها، ولذا فهي تلتصق بالدماغ وبالنخاع الشوكي، وتسير فيها شبكة من الأوعية المغذية للنظام العصبي، اما “الغشاء العنكبوتي” فهو أكثر ظهوراً، ولذا فهو يغطي الوجهة العميقة من الطبقة الثالثة أم التلافيف (الأم الجافية). وتكوّن هاتان الطبقتان الهشتان ما يسمى بالسحيا الرقيقة.
وفيما يتعلق ب”الأم الجافية” فهي أشد مقاومة وقوة، ولذا فهي تغطي الدماغ برمته، وكذلك النخاع الشوكي وتنتهي بطريق مسدودة على مستوى الفقرة العجزية الثانية يوجد بين “الأم الحنون” التي تغطي مباشرة الدماغ و”الغشاء العنكبوتي” السائل الدماغي الذي يتعرض لالتهاب ما، ويمكن من خلال أخذ عينة صلبية (قطنية) التعرف إلى تشخيص التهاب السحايا.
واذا كانت غالبية السحايا ذات مصدر معدٍ بمعنى انها ظهرت عند المرء جراء تعرضه لعدوى بكتيرية او فيروسية، فإن بعضها يكون سبباً في حدوث امراض اخرى التهابية او سرطانية، وقليلاً ما تكون العدوى بسبب طفيليات أو فطريات.
والواقع ان التهاب السحايا يعتبر من بين الأمراض المعدية التي تسبب قلقاً كبيراً للاطباء وتحتاج الى حذر شديد ومراقبة دائمة من قبل الوالدين.
وأشد هذه الالتهابات قسوة وخطراً البكتيرية منها، اذ تشير الاحصاءات ان ما يقارب ال”5 - 10” أشخاص يصابون بها من كل 100 ألف شخص، وأكثر الذين يتعرضون لالتهاب السحايا هم الاطفال، لكن الأعداد الكبيرة من الضحايا نجدها لدى البالغين حيث يصل الامر بهؤلاء الى الموت.
والبكتيريا المسببة لالتهاب السحايا تعتمد كثيراً على عمر الشخص المعني، فالمكورات السحائية والرئوية هي من اكثر الميكروبات التي تصيب الاطفال الواقعة اعمارهم بين سنة الى 4 سنوات، كما ان البكتيريا المعروفة ب”Haemo philus Imfluemzae” هي المسؤولة مباشرة عن تعرض المولودين الجدد لهذا المرض. وهناك انواع اخرى لا تقل أهمية عن هذه الاخيرة منها اللستيرية (جنس بكتيريا من الوتديات)، والمكورات العقدية (B) والعصيات القولونية، التي تصيب بشكل عام كبار السن، ويضاف الى هذه الميكروبات الاساسية، عصية داء السل (BK) وأنواع اخرى أقل خطراً كالمكورات العنقودية، أو العوامل المسببة لمرض ليم (بورليا - جنس من اللولبيات)، والسفلس والبريميات الرقيقة (جنس من المجزآت من رتبة الملتويات، مركبة من العضويات الدقيقة الحلزونية ذات اطراف معقوفة وكثرتها تسبب المرض).
والتهاب السحايا الفيروسي، مرض كثير الانتشار، لكنه حميد، ويعود في الاصل الى فيروسات تصيب القناة الهضمية وفيروسات مسؤولة عن النكاف (أبوكعب) أو أمراض اخرى مثل الزكام والحصبة وشلل الاطفال.
اما على المستوى العيادي (السريري) فتعبر السحايا عن نفسها اولاً بظهور العارض السحائي المرتبط بحمى وأوجاع في الرأس وتقيؤ، كما يمكن ان تظهر اعراضاً او علامات عصبية عامة او محلية تصاحبها حمى واضطرابات في الوعي الذاتي.
وتتطلب هذه العلامات من الطبيب اللجوء الى أخذ خزعة من منطقة العجز عند اسفل الظهر للتأكد من التشخيص، اما السائل الدماغي الشوكي فيمكن ان يكون متقيحاً في حالة الاصابة بالتهاب سحائي بكتيري، كما يمكن ان يكون سليماً وواضحاً ومتوتر الأوعية الدموية في حالة التعرض لالتهاب سحائي فيروسي أو بكتيري.
وتظهر تحاليل الخلايا في السائل وجود عدد كبير من الخلايا متعددة النوى او الخلايا اللمفاوية، ويساهم تحليل السكر والزلال في توجيه عملية التشخيص بشكل سليم اضافة بالطبع الى ان بعض التحاليل الميكروبيولوجية والبكتيرية والفيروسية الحديثة تساعد الطبيب كثيراً في الوقوف على تفاصيل المرض، سيما اذا ما صاحبها تصوير مقطعي للدماغ (بالسكانر).
ويستطيع الطبيب عادة الفصل فيما اذا كان المرض بكتيري المصدر او فيروسياً من خلال بعض الاشارات كالسرعة في انتشار او ظهور الالتهاب ومن خلال تطور المشهد السريري للمريض، فإذا كانت الاشارات تميل الى عدوى فيروسية وحدوث تدرج في الالتهاب لكن بشكل خفيف عندئذ يتأكد الطبيب ان الامر يعزى الى عدوى فيروسية لا محالة والا فالعدوى بكتيرية.
ولاشك ان اتخاذ بعض التدابير الوقائية المتعلقة بالوضع المحيط بالمريض يكون ضرورياً خاصة اذا تلازم مع التعرف إلى العامل المسؤول عن الالتهاب وبشكل خاص اذا تعلق الأمر بالتهاب السحايا الناتج عن المكورات السحائية التي تعود لعارض فيروسي وهي ما يطلق عليها بالسحايا البدائية او الاولية، اما فيما يتعلق بالسحايا الثانوية فتعود لعدوى تصيب الأذنين أو الأنف (التهاب الأذن، التهاب الجيوب) او في حالة وجود عطب في العظام ناتج عن صدمة دماغية.
سببان وراء حالات الوفاة
ويعتقد البروفيسور فيليب رينر مدير قسم طب الاطفال في مستشفى كريتل الفرنسي ان ثمة سببين يبيان لنا السبب وراء حالات الوفاة التي مازالت تحدث لدى الاطفال الجدد وصغار السن على الرغم من توصل العلماء لمضادات حيوية قادرة على ايقاف المرض او القضاء عليه في بعض الحالات!
والسبب الأول وراء ذلك يعود الى تأخر التشخيص، فمهما كان نوع المضاد الحيوي وفعاليته، فإنه لن يستطيع التأثير في الالتهاب اذا كان المرض قد بدأ منذ أيام عدة، كما ان وجود بعض الاشكال الالتهابية مثل ال”Purpura Fulminams” أو الفرفرية الخاطفة التي تظهر على شكل بقع حمراء على الجلد، المرتبطة اصلاً بالمكورات السحاية، يؤدي الى تعرض الطفل الى الوفاة خلال بضع ساعات.
وقد أظهرت الدراسات ان حقن الطفل المريض بمضاد حيوي خلال الدقائق الاولى من التعرض لداء الفرفرية الخاطفة يمكن ان يخفض معدل الوفاة بنسبة 50%.
وتلجأ السلطات البريطانية الصحية الى القيام بحملات توعية للوالدين كي يتدخلا في اسرع وقت ممكن باخبار الجهات المعنية لدى ملاحظتهما وجود أعراض مثل التقيؤ ووجع الرأس أو اذا أحسا ان الطفل يبدي انزعاجاً من الضوء أو ان رقبته متصلبة او اذا كان الطفل ينام متقوقعاً (متجمعاً) على نفسه.
وتشير الاحصاءات السريرية المتعلقة بالأطفال الرضع إلى ان الأمر يبدو أكثر تعقيداً وصعوبة عند هؤلاء، لأن المرض يمكن ان يتلخص عند الرضيع برفض الرضاعة او بالتعرض لاسهال حاد وتقيؤ وبارتخاء عام. وفي غالب الاحيان لا يتحمل الرضيع ان نلمسه وهي حالة خاصة تظهر عادة امام اثارة او أنين مبالغ فيه اثناء لبس الثياب والاستحمام.
وتشير آخر الاحصاءات الخاصة بعلم الجوائح والامراض الى ان المكورات الرئوية كانت السبب الاول لمرض التهاب السحايا البكتيري عند الاطفال الذين تقل اعمارهم عن السنتين، وان السحايا الناشئة عن هذه المكورات تترك في الغالب آثاراً سيئة.
وبالنتيجة هل يمكن ان نتوقع توصل العلماء في الغد القريب الى لقاح يشمل كل التهابات السحايا البكتيرية؟
يقول البعض انه اذا استطعنا التوصل الى لقاح يقضي على المكورات العقدية السحائية (C)، فلا يبقى لنا الا التوصل الى لقاح فعال للقضاء على المكورات السحائية (B) الذي يعتبر حتى الآن آخر الميكروبات المعروفة من مرض التهاب السحايا.
البكتيريا السحائية
ويبقى مرض التهاب السحايا الذي تسببه البكتيريا أشد خطراً من ذلك الذي تسببه الفيروسات وذلك نظراً لتطورها السريع الذي يمكن ان يكون مميتاً اذا لم يتدخل الطبيب بأقصى سرعة لوصف العلاج.
ولابد ان يميز الطبيب بين هذه الحالات والعدوى بأنواع اخرى من الالتهابات كالتهاب السحايا الدوني الذي يتطور بشكل بطيء والتهاب السحايا الدماغية.
ويرى الأطباء ان الآلية التي تؤدي الى تطور السحايا الناتجة عن عدوى بكتيريا ليست مفهومة حتى الآن عند المواليد الجدد، لكنهم يعلمون انها ناتجة ربما عن عدوى عن طريق الأم اثناء عملية الوضع أو عن عدم نضوج الجهاز المناعي عند الطفل وخاصة اولئك الذين يولدون قبل الأوان (الخدج).
وتنتمي الأنواع البكتيرية المعنية الى انواع مختلفة، فبعضها يطلق عليه “سلبي الغرام” (اي لا يصطبغ بصبغة غرام) مثل العصيات القولونية ومحبة الدم (هايموفيليوس) والمكورات السحائية والبعض الآخر يسمى “ايجابي الغرام” (اي يصطبغ بصبغة غرام) كالمكورات العقدية، والليستيريا والمكورات الرئوية. والجدير بالذكر ان الاطباء يصنفون المجموعات البكتيرية الكبرى طبقاً للون الذي تتخذه (حمراء او بنفسجية) وذلك حسب أحد المركبات الكيماوية المعيارية لتلوين الميكروبات والتمييز فيما بينها وهو باسم مخترعه الدانماركي غرام.
وبشكل عام تتصف هذه الانواع البكتيرية بسمات مشتركة تعبر عن تأثيرها المرضي، اذ يمكن اعتبارها نوعاً من البكتيريا المنادمة او المعايشة لغيرها، فهي تكثر في المسالك التنفسية العليا وتنتقل عن طريق المجرى الهوائي، وتستوطن بشكل خاص في الأغشية المخاطية التنفسية وتحيط نفسها بكبسولة تسمى متعددة السكريات، وتمكنها هذه الكبسولة من الهروب من البلعمة اي (الخلايا التي تبتلع الاجسام الغريبة والبكتيريا وتقضي عليها)، ويمكن لهذا النوع من البكتيريا ان تدمر نفسها بنفسها محررة عوامل التهابية قوية قادرة بدورها على انتاج بعض المواد التي تزيد من تفعيل الالتهاب وذلك بالاعتماد على خلايا (المضيف) اي الخلايا التي تتعايش معها مثل “الانترلوكين - 1” علاوة على ذلك يلاحظ ان لهذه البكتيريا القدرة على استقبال جينات جديدة من خلال التحول الجيني الافقي الذي يمنحها بنى جديدة مضادة للجينات تمكنها بدورها من الافلات من حصانة المضيف وتغير استجابتها للمضادات الحيوية.
المراحل الاربع لالتهاب السحايا
وثمة أربع مراحل تتحكم بتطور التهاب السحايا البكتيري الحاد، وتحدد للطبيب الاستراتيجية العلاجية او الوقائية. وتتضمن المرحلة الاولى اصابة الأغشية المبطنة للمسالك التنفسية (الظهارة)، فبفضل بعض المستقبلات النوعية الموجودة في هذه الأغشية، تتمكن البكتيريا من الالتصاق بأسطح المسالك التنفسية وتستوطن فيها بشكل يجعلها تتكاثر قبل غزو الطبقات الأعمق متجهة نحو جدر الأوعية (البطانة) الدموية.
وتتمحور المرحلة الثانية أو الدخول الى الدم حول التصاق البكتيريا بالبطانة والعبور الى الدم مروراً بالخلايا. وفي هذه المرحلة تدمر البكتيريا نفسها بنفسها وهو ما يسمى بالتحلل الذاتي، مطلقة وسائطها المسببة للالتهابات مع ما تحتويه من مواد سامة، كما انها تنشط عملية تجنيد الخلايا الضالعة في الاستجابة للالتهاب (خلايا متعددة الأنوية وكثيرة المتعادلات)، الامر الذي يمكنه ان يحدث صدمة انتانية او سامة. وفي المرحلة الثالثة، تتمكن البكتيريا من التحرر من الحاجز السحائي الدموي الذي يفصل الدم عن الدماغ. وحتى الآن لم تزل آلية هذه العملية غير معروفة جيداً للأطباء ويعتقد البعض ان التحلل البكتيري ينشط جدر الأوعية (البطانة) ويفكك بناء على ذلك الروابط الضيقة بين الخلايا مسهلاً مرور البكتيريا والخلايا متعددة الأنوية وكثيرة المتعادلات.
وبالوصول الى المرحلة الرابعة نلاحظ حدوث تدمير تام للحاجز السحائي الدموي اضافة الى حدوث خلل دماغي كبير، فعملية انتاج الوسائط الناتجة بدورها عن الارتكاس الالتهابي لخلايا المضيف تكون كافية لإمرار تلك الوسائط، وهو ما يمثل موضعياً حدوث عطب لا يمكن الحد منه او ايقافه في النظام العصبي المركزي.
الوقاية صعبة لكنها فعالة
الوقاية من مرض التهاب السحايا البكتيرية صعبة لكنها تبدو فعالة في كثير من الاحيان، ومن سوء الطالع ان التدابير الوقائية لا تتخذ الا بعد فوات الأوان او بعد انطلاق الاشارة التحذيرية من خلال مراكز المراقبة الصحية في بعض الدول المتقدمة.
وتتضمن هذه التدابير توجيه بعض النصائح والتوصيات المتعلقة بالغذاء وخاصة لبعض المجموعات التي تنتقل اليها العدوى عن طريق جرثومة اللستيرية مثل النساء الحوامل وكبار السن الذين تقل لديهم المناعة الذاتية، فعلى سبيل المثال يجب على هذه الفئة، العناية بغسل الخضار ورفع الطبقة الخارجية لبعض الأجبان.. الخ.
وتتضمن طرق الوقاية أيضاً، صرف عقاقير وقائية كالمضادات الحيوية الفعالة لاسيما في حالات الاصابة بالالتهاب الناتج عن المكورات السحائية او الناتج عن Haemophilus Influenzae-B.
وتوجه هذه المضادات عادة الى الاشخاص الذين يعيشون تحت سقف واحد او لأولئك الذين تبادلوا مع المريض قبلة على الفم او تعدت فترة التواصل فيما بينهما أكثر من 4 ساعات خلال الاسبوع السابق للاصابة.
وفي هذه الحالات تنتقل العدوى عن طريق قطرات من اللعاب وتستوطن البكتيريا في البلعوم قبل تبعثرها في الدم والسحايا الدماغية. وتعمل المضادات الحيوية على الحد من عملية الانتقال البلعومي والوصول الى الدم.
ويلجأ الطبيب الى اعطاء المريض عقار ال “Rifampicine” مرتين في اليوم لمدة يومين.
ولوحظ خلال السنوات الاخيرة الماضية حدوث تضخم مبالغ فيه في استعمال المضادات الحيوية الوقائية علماً بأن هذا النوع من الوقاية الموجه عادة الى مجموعات لا يخشى عليها الخطر، يمكن ان تكون سبباً لظهور مقاومة قوية مضادة للمضادات الحيوية.
الجدير بالذكر ان للقاحات دوراً أساسياً في العلاج، لكن لابد من تناولها بعناية فائقة، لأن المناعة الواقية تتطلب عدة اسابيع قبل ان تتخذ موضعها وتصبح فعالة، علاوة على ذلك تتطلب بعض اللقاحات اللجوء الى عدة حقن. واليوم لا يوجد لقاح من هذا النوع ضد جميع الانواع البكتيرية الضالعة في حدوث التهاب السحايا، فعلى سبيل المثال لا نمتلك اليوم لقاحات ضد اللستيرية.
وثمة لقاحات تستخدم مع جميع الاشخاص كاللقاحات المضادة للسل (BCG) او المضادة (للهيموفيليس أنفلونزا B) او تلك المضادة للمكورات الرئوية، كما تستخدم لقاحات اخرى ضمن اطار وقائي اثناء السفر الى المناطق التي تنتشر فيها الجوائح بشكل واسع كاللقاحات المضادة للمكورات السحائية.
وفي الآونة الاخيرة ظهر نوع من اللقاحات الجديدة المضادة للمكورات الرئوية تسمى اللقاحات متعددة السكريات وهي لقاحات مزودجة أو مترافقة.
ويتطلب اللقاح الكامل ثلاث حقن تبدأ من عمر الشهرين، ثم يعاد عند الشهر الثاني عشر والخامس عشر. وتصل فعالية هذا اللقاح الى 95% تقريباً، وخاصة لدى الاشخاص الذين يتعرضون الى مخاطر أكثر من غيرهم أو اولئك الذين يعانون من مشاكل صحية في الطحال او أصيبوا بالأنيميا المنجلية.
يذكر ان تقنية اللقاحات المترافقة التي ظهرت خلال السنوات الأخيرة، تعتمد على ايجاد أنواع جديدة من اللقاحات التي تظهر فعاليتها الكبيرة عند صغار السن.
وكانت دراسة امريكية في مدينة كاليفورنيا قد أثبتت فعالية هذا النوع من اللقاحات بعد ان تم اختباره على 37 ألف طفل وخاصة الذين تعرضوا منهم للاصابة بالتهاب سحايا ناتج عن المكورات الرئوية.
وتبين ان هذه المكورات كانت السبب الاول للاصابة بذات الرئة والتهاب السحايا البكتيري وخاصة عند الاطفال او صغار السن. كما أثبتت احدى الدراسات الكندية ان اللقاح الذي يطلق عليه متعدد السكريات له تأثير فعال عند الاطفال المراهقين لكن فعاليته تقل عند اولئك الذين تقل أعمارهم عن السنتين.
فهل مازالت الميكروبات كثيرة العدد رغم وقوف الانسان في وجهها بأبحاثه المستمرة وعقاقيره المختلفة؟ أم هل غدت تلك الميكروبات شديدة المقاومة الى درجة أنها انتجت لنا طفرات تنبئ بظهور جيل جديد منها!
منذ 20 عاماً تقريباً كان طلاب كليات الطب يقرأون في أشهر كتب الطب الموجهة لطلاب الجامعات المعروفة بكتب هاريسون، ان الأمراض المعدية او تلك التي تنتقل عن طريق العدوى، هي من أسهل الأمراض التي يمكن للانسان الوقاية منها او ايجاد علاج سريع لها.
واليوم تعلن منظمة الصحة العالمية ان هذه الامراض تقتل سنوياً 13 مليون شخص عبر العالم، وأن تواترها يتزايد بشكل واضح حتى في الدول المتقدمة.
فقد بلغت نسبتها في الولايات المتحدة الامريكية 4,8% خلال الفترة الواقعة بين عامي 1981 – 1995 فهل نحن امام خطر ميكروبي مدلهم؟!
يقول إكزافييه ناصيف أستاذ الميكروبات في مستشفى نيكر للأطفال في باريس: “نفهم جيداً الأقوال التي جاءت في كتب هاريسون، فالعديد من الجوائح الميكروبية الكبرى اختفت تقريباً من الدول المتقدمة، فلم يعد احد يتحدث عن الدفتيريا (مرض الخانوق) ولا عن التيفوئيد.. الخ، بل غدا العلماء يعرفون جيداً أنواع البكتيريا المنتشرة بين الناس، ولذا فقد أوجدوا لغالبيتها عقاقير ناجعة الى درجة انهم شعروا بأنهم اصبحوا مسيطرين كلياً على الموقف، علماً بأنه كانت هناك الكثير من الميكروبات التي ظلت تقف حجر عثرة امام العلماء الى يومنا هذا”.
ويضيف ناصيف: أنه على الرغم من ظهور انواع جديدة من الامراض البكتيرية والفيروسية وأشهرها بالطبع الايدز، الا ان ثمة أمراضاً مشهورة كالملاريا والحمى الصفراء لاتزال تفتك بالناس في المناطق الاستوائية.
ولو قصرنا الكلام على الدول المتقدمة، لكان لزاماً علينا أن نتساءل عن السبب وراء الحديث عن الخطر الميكروبي فيها على الرغم من انه اصبح أقل تواجداً من ذي قبل، فعلى سبيل المثال نلاحظ ان الامراض التي كانت تنشأ عن ميكروبات مثل الانفلونزا المحبة للدم قد اختفت كلياً، الا ان ثمة ميكروبات اخرى مقاومة للمضادات الحيوية ظهرت رغم جميع محاولات العلماء للقضاء عليها. فمع نهاية السبعينات كانت لاتزال هناك ميكروبات بالغة المقاومة للمضادات الحيوية، لكن الترسانة العلاجية كانت غنية بالشكل الذي أدى الى القضاء على أي مقاومة.
ومنذ 15 سنة لم يظهر أي مضاد حيوي جديد، ولذا فقد استعادت العديد من الميكروبات سيطرتها من جديد وغدت أشد مقاومة من ذي قبل.
ولابد أن نعلم ان من الأسباب الاساسية للعدوى هو انخفاض نسبة المناعة عند المرضى.
ويعتقد د. ناصيف: ان السبب وراء ذلك يعود للتطور في حياتنا العامة والى وجود علاجات يمكن وصفها بالعدوانية لكنها تسمح للناس بالاستمرار على قيد الحياة.
ولنا ان نفكر بالممارسة اليومية التي يقوم بها الاطباء كاستخدام الخزعات المأخوذة من النخاع الشوكي، فهذه العمليات لم تكن ممكنة قبل عشرين سنة، لكن نظراً للعلاجات المعروفة بعلاجات كبت المناعة فإن مثل هؤلاء المرضى يجدون الشفاء المطلوب.
ويشير د. ناصيف الى ان العدوى او الاصابة تمثل النتيجة الطبيعية لكبت المناعة، فعلى سبيل المثال نجد ان القناة الهضمية والهواء الذي نستنشقه، يحتويان على كثير من الكائنات الدقيقة التي لا تبدي اي خطر لدى الشخص المتمتع بجهاز مناعي طبيعي.
وعلى النقيض من ذلك نجد ان هذه العضيات الحية الموجودة في الطبيعة يمكن ان تصبح مشكلة بحد ذاتها اذا كان ثمة عجز في النظام المناعي للشخص.
ومن هنا لابد للعلماء من العمل على ايجاد طرق ناجعة لتحسين الوسائل الصحية للمحافظة على الصحة العامة أو ترشيد عملية استعمال المضادات الحيوية، لكن يبقى من غير الممكن الوقاية كلياً من العدوى التي تصيب الاشخاص الذين تقل مناعتهم عن الحد الطبيعي امام الاعداد الهائلة من الميكروبات المنتشرة في البيئة.
من ناحية اخرى هناك اوبئة هائلة لم تزل تنتشر في كثير من الدول النامية، ففي افريقيا قضى مرض التهاب السحايا على مئات الاشخاص في العام ،1997 ومئات منهم قضوا في بوركينا فاسو منذ مدة قصيرة.
ولابد ان نشير ان ثمة امراضاً مشتركة تسببها ميكروبات مجهولة حتى الآن، فعلى سبيل المثال نجد ان قرحة المعدة ناتجة عن الاصابة بنوع من البكتيريا تسمى Helicobacter Pylori، علماً بأن هذه البكتيريا لم تكن معروفة قبل 20 سنة، كما ان هناك انواعاً اخرى من الميكروبات تسبب مرض العصاد (ترسب دهني وتكاثر في خلايا النسيج الليفي في الجدران الداخلية للشرايين) مثل الكلاميديا، وربما سيكتشف العلماء بعد فترة وجيزة ان بعض انواع السرطانات سببها يرجع الى عدوى بكتيرية أو ربما فيروسية، كبعض سرطانات المعدة المرتبطة بالتهابات المعدة المزمنة التي ترجع الى التعرض لبكتيريا “هيليكوباكتر بيلوري”. ويتساءل البعض عما اذا كانت فكرة الخطر الميكروبي فيها شيء من المبالغة؟
الواقع ان القلق والانفعال نابع من فكرة استيقاظ النائم، فعلى سبيل المثال نلاحظ ان مرض التهاب السحايا المخية الشوكية هو المرض البكتيري الوحيد القادر على قتل طفل سليم خلال ساعات (وخاصة اذا تعلق الامر ببعض الانواع الخطيرة النادرة)، وذلك لأنه مرض أو وباء ينتقل عن طريق العدوى. وطالما انه كذلك، فالناس يعتبرونه بمثابة الكابوس، لكن لحسن الحظ نلاحظ ان الاشكال السريرية منه تبقى استثنائية.
ولكن هل تستطيع الميكروبات التأقلم مع محاولاتنا للقضاء عليها؟
من هذه الناحية نجد ان حالة ما يسمى بالمكورات السحائية هي خير مثال على ذلك، فهذا الميكروب هو بشري بحت ويتخزن بشكل كبير في الحلق.
ولكن كيف يمكننا ان نفسر أن مثل هذا الميكروب قادر على قتل مضيفه؟! وهل يعني ذلك ان البكتيريا تتصرف بغباء او ان ثمة شيئاً لا نفهمه جيداً؟!
الواقع يجب ان نفهم ان مرض التهاب السحايا ما هو الا نتيجة استثنائية للعدوى بالمكورات السحائية، فهذه الاخيرة والانسان لم يزالا يتطوران منذ آلاف السنين، وكل واحد اصبح معتاداً على الآخر، فهناك 5% الى 15% من سكان الارض لديهم تلك المكورات لكنهم ليسوا مرضى، والوضع الطبيعي لهذه المكورات ألا تقتل مضيفها (الانسان)، لكن يلاحظ ان بعض الانواع منها تسبب ذلك وهو الامر الذي ينطبق تماماً على المكورات الرئوية (نوع من الجراثيم) المعروفة بصفتها وأصلها البشري البحت.
ولكن كيف السبيل للقضاء على هذه الميكروبات؟
يؤكد الدكتور ناصيف ان الامل معقود بايجاد اللقاح الفعال ضد مرض التهاب السحايا الناتج عن المكورات السحائية. وفي هذا الصدد يحاول العلماء ايجاد لقاحات مترافقة او متحدة وهو ما يعتبر تطوراً في عالم الطب، اذ يمتلك هؤلاء اليوم لقاحاً ضد المكورات الرئوية وآخر ضد المكورات السحائية من النوع C، لكن علينا ألا ننسى ان فعالية اللقاحات ضد الأمراض الميكروبية، وكذلك الحال بالنسبة للمضادات الحيوية لا تظهر الا مع الزمن وحتى الآن غدت اللقاحات المتوفرة قادرة تقريباً على القضاء على المرض. لكن الطبيعة لا تحب للأسف ان تترك فراغاً في مكان ما، فاختفاء هذا المرض، لابد انه سيترك الفرصة لغيره كي يحل مكانه، وهذا هو الطب بكل بساطة، فهو يتطور مع تطور الحياة برمتها كالبشر تماماً، فهذا شخص يموت وذلك شخص يولد.
ما هي السحايا؟
السحايا التهاب يصيب السحاءة أو ام الدماغ المكونة أصلاً من ثلاثة أغشية تلف الدماغ، فالمعروف ان النسيج العصبي يتميز برقته وهشاشته، ولذا فهو مدمج بالدماغ والعمود الفقري، لكنه لا يتصل مباشرة مع العظام، فهناك ثلاثة أغلفة تلفه وتحميه “الأم الحنون والغشاء العنكبوتي، والأم الجافية”.
وتتميز “الأم الحنون” برقتها وشفافيتها، ولذا فهي تلتصق بالدماغ وبالنخاع الشوكي، وتسير فيها شبكة من الأوعية المغذية للنظام العصبي، اما “الغشاء العنكبوتي” فهو أكثر ظهوراً، ولذا فهو يغطي الوجهة العميقة من الطبقة الثالثة أم التلافيف (الأم الجافية). وتكوّن هاتان الطبقتان الهشتان ما يسمى بالسحيا الرقيقة.
وفيما يتعلق ب”الأم الجافية” فهي أشد مقاومة وقوة، ولذا فهي تغطي الدماغ برمته، وكذلك النخاع الشوكي وتنتهي بطريق مسدودة على مستوى الفقرة العجزية الثانية يوجد بين “الأم الحنون” التي تغطي مباشرة الدماغ و”الغشاء العنكبوتي” السائل الدماغي الذي يتعرض لالتهاب ما، ويمكن من خلال أخذ عينة صلبية (قطنية) التعرف إلى تشخيص التهاب السحايا.
واذا كانت غالبية السحايا ذات مصدر معدٍ بمعنى انها ظهرت عند المرء جراء تعرضه لعدوى بكتيرية او فيروسية، فإن بعضها يكون سبباً في حدوث امراض اخرى التهابية او سرطانية، وقليلاً ما تكون العدوى بسبب طفيليات أو فطريات.
والواقع ان التهاب السحايا يعتبر من بين الأمراض المعدية التي تسبب قلقاً كبيراً للاطباء وتحتاج الى حذر شديد ومراقبة دائمة من قبل الوالدين.
وأشد هذه الالتهابات قسوة وخطراً البكتيرية منها، اذ تشير الاحصاءات ان ما يقارب ال”5 - 10” أشخاص يصابون بها من كل 100 ألف شخص، وأكثر الذين يتعرضون لالتهاب السحايا هم الاطفال، لكن الأعداد الكبيرة من الضحايا نجدها لدى البالغين حيث يصل الامر بهؤلاء الى الموت.
والبكتيريا المسببة لالتهاب السحايا تعتمد كثيراً على عمر الشخص المعني، فالمكورات السحائية والرئوية هي من اكثر الميكروبات التي تصيب الاطفال الواقعة اعمارهم بين سنة الى 4 سنوات، كما ان البكتيريا المعروفة ب”Haemo philus Imfluemzae” هي المسؤولة مباشرة عن تعرض المولودين الجدد لهذا المرض. وهناك انواع اخرى لا تقل أهمية عن هذه الاخيرة منها اللستيرية (جنس بكتيريا من الوتديات)، والمكورات العقدية (B) والعصيات القولونية، التي تصيب بشكل عام كبار السن، ويضاف الى هذه الميكروبات الاساسية، عصية داء السل (BK) وأنواع اخرى أقل خطراً كالمكورات العنقودية، أو العوامل المسببة لمرض ليم (بورليا - جنس من اللولبيات)، والسفلس والبريميات الرقيقة (جنس من المجزآت من رتبة الملتويات، مركبة من العضويات الدقيقة الحلزونية ذات اطراف معقوفة وكثرتها تسبب المرض).
والتهاب السحايا الفيروسي، مرض كثير الانتشار، لكنه حميد، ويعود في الاصل الى فيروسات تصيب القناة الهضمية وفيروسات مسؤولة عن النكاف (أبوكعب) أو أمراض اخرى مثل الزكام والحصبة وشلل الاطفال.
اما على المستوى العيادي (السريري) فتعبر السحايا عن نفسها اولاً بظهور العارض السحائي المرتبط بحمى وأوجاع في الرأس وتقيؤ، كما يمكن ان تظهر اعراضاً او علامات عصبية عامة او محلية تصاحبها حمى واضطرابات في الوعي الذاتي.
وتتطلب هذه العلامات من الطبيب اللجوء الى أخذ خزعة من منطقة العجز عند اسفل الظهر للتأكد من التشخيص، اما السائل الدماغي الشوكي فيمكن ان يكون متقيحاً في حالة الاصابة بالتهاب سحائي بكتيري، كما يمكن ان يكون سليماً وواضحاً ومتوتر الأوعية الدموية في حالة التعرض لالتهاب سحائي فيروسي أو بكتيري.
وتظهر تحاليل الخلايا في السائل وجود عدد كبير من الخلايا متعددة النوى او الخلايا اللمفاوية، ويساهم تحليل السكر والزلال في توجيه عملية التشخيص بشكل سليم اضافة بالطبع الى ان بعض التحاليل الميكروبيولوجية والبكتيرية والفيروسية الحديثة تساعد الطبيب كثيراً في الوقوف على تفاصيل المرض، سيما اذا ما صاحبها تصوير مقطعي للدماغ (بالسكانر).
ويستطيع الطبيب عادة الفصل فيما اذا كان المرض بكتيري المصدر او فيروسياً من خلال بعض الاشارات كالسرعة في انتشار او ظهور الالتهاب ومن خلال تطور المشهد السريري للمريض، فإذا كانت الاشارات تميل الى عدوى فيروسية وحدوث تدرج في الالتهاب لكن بشكل خفيف عندئذ يتأكد الطبيب ان الامر يعزى الى عدوى فيروسية لا محالة والا فالعدوى بكتيرية.
ولاشك ان اتخاذ بعض التدابير الوقائية المتعلقة بالوضع المحيط بالمريض يكون ضرورياً خاصة اذا تلازم مع التعرف إلى العامل المسؤول عن الالتهاب وبشكل خاص اذا تعلق الأمر بالتهاب السحايا الناتج عن المكورات السحائية التي تعود لعارض فيروسي وهي ما يطلق عليها بالسحايا البدائية او الاولية، اما فيما يتعلق بالسحايا الثانوية فتعود لعدوى تصيب الأذنين أو الأنف (التهاب الأذن، التهاب الجيوب) او في حالة وجود عطب في العظام ناتج عن صدمة دماغية.
سببان وراء حالات الوفاة
ويعتقد البروفيسور فيليب رينر مدير قسم طب الاطفال في مستشفى كريتل الفرنسي ان ثمة سببين يبيان لنا السبب وراء حالات الوفاة التي مازالت تحدث لدى الاطفال الجدد وصغار السن على الرغم من توصل العلماء لمضادات حيوية قادرة على ايقاف المرض او القضاء عليه في بعض الحالات!
والسبب الأول وراء ذلك يعود الى تأخر التشخيص، فمهما كان نوع المضاد الحيوي وفعاليته، فإنه لن يستطيع التأثير في الالتهاب اذا كان المرض قد بدأ منذ أيام عدة، كما ان وجود بعض الاشكال الالتهابية مثل ال”Purpura Fulminams” أو الفرفرية الخاطفة التي تظهر على شكل بقع حمراء على الجلد، المرتبطة اصلاً بالمكورات السحاية، يؤدي الى تعرض الطفل الى الوفاة خلال بضع ساعات.
وقد أظهرت الدراسات ان حقن الطفل المريض بمضاد حيوي خلال الدقائق الاولى من التعرض لداء الفرفرية الخاطفة يمكن ان يخفض معدل الوفاة بنسبة 50%.
وتلجأ السلطات البريطانية الصحية الى القيام بحملات توعية للوالدين كي يتدخلا في اسرع وقت ممكن باخبار الجهات المعنية لدى ملاحظتهما وجود أعراض مثل التقيؤ ووجع الرأس أو اذا أحسا ان الطفل يبدي انزعاجاً من الضوء أو ان رقبته متصلبة او اذا كان الطفل ينام متقوقعاً (متجمعاً) على نفسه.
وتشير الاحصاءات السريرية المتعلقة بالأطفال الرضع إلى ان الأمر يبدو أكثر تعقيداً وصعوبة عند هؤلاء، لأن المرض يمكن ان يتلخص عند الرضيع برفض الرضاعة او بالتعرض لاسهال حاد وتقيؤ وبارتخاء عام. وفي غالب الاحيان لا يتحمل الرضيع ان نلمسه وهي حالة خاصة تظهر عادة امام اثارة او أنين مبالغ فيه اثناء لبس الثياب والاستحمام.
وتشير آخر الاحصاءات الخاصة بعلم الجوائح والامراض الى ان المكورات الرئوية كانت السبب الاول لمرض التهاب السحايا البكتيري عند الاطفال الذين تقل اعمارهم عن السنتين، وان السحايا الناشئة عن هذه المكورات تترك في الغالب آثاراً سيئة.
وبالنتيجة هل يمكن ان نتوقع توصل العلماء في الغد القريب الى لقاح يشمل كل التهابات السحايا البكتيرية؟
يقول البعض انه اذا استطعنا التوصل الى لقاح يقضي على المكورات العقدية السحائية (C)، فلا يبقى لنا الا التوصل الى لقاح فعال للقضاء على المكورات السحائية (B) الذي يعتبر حتى الآن آخر الميكروبات المعروفة من مرض التهاب السحايا.
البكتيريا السحائية
ويبقى مرض التهاب السحايا الذي تسببه البكتيريا أشد خطراً من ذلك الذي تسببه الفيروسات وذلك نظراً لتطورها السريع الذي يمكن ان يكون مميتاً اذا لم يتدخل الطبيب بأقصى سرعة لوصف العلاج.
ولابد ان يميز الطبيب بين هذه الحالات والعدوى بأنواع اخرى من الالتهابات كالتهاب السحايا الدوني الذي يتطور بشكل بطيء والتهاب السحايا الدماغية.
ويرى الأطباء ان الآلية التي تؤدي الى تطور السحايا الناتجة عن عدوى بكتيريا ليست مفهومة حتى الآن عند المواليد الجدد، لكنهم يعلمون انها ناتجة ربما عن عدوى عن طريق الأم اثناء عملية الوضع أو عن عدم نضوج الجهاز المناعي عند الطفل وخاصة اولئك الذين يولدون قبل الأوان (الخدج).
وتنتمي الأنواع البكتيرية المعنية الى انواع مختلفة، فبعضها يطلق عليه “سلبي الغرام” (اي لا يصطبغ بصبغة غرام) مثل العصيات القولونية ومحبة الدم (هايموفيليوس) والمكورات السحائية والبعض الآخر يسمى “ايجابي الغرام” (اي يصطبغ بصبغة غرام) كالمكورات العقدية، والليستيريا والمكورات الرئوية. والجدير بالذكر ان الاطباء يصنفون المجموعات البكتيرية الكبرى طبقاً للون الذي تتخذه (حمراء او بنفسجية) وذلك حسب أحد المركبات الكيماوية المعيارية لتلوين الميكروبات والتمييز فيما بينها وهو باسم مخترعه الدانماركي غرام.
وبشكل عام تتصف هذه الانواع البكتيرية بسمات مشتركة تعبر عن تأثيرها المرضي، اذ يمكن اعتبارها نوعاً من البكتيريا المنادمة او المعايشة لغيرها، فهي تكثر في المسالك التنفسية العليا وتنتقل عن طريق المجرى الهوائي، وتستوطن بشكل خاص في الأغشية المخاطية التنفسية وتحيط نفسها بكبسولة تسمى متعددة السكريات، وتمكنها هذه الكبسولة من الهروب من البلعمة اي (الخلايا التي تبتلع الاجسام الغريبة والبكتيريا وتقضي عليها)، ويمكن لهذا النوع من البكتيريا ان تدمر نفسها بنفسها محررة عوامل التهابية قوية قادرة بدورها على انتاج بعض المواد التي تزيد من تفعيل الالتهاب وذلك بالاعتماد على خلايا (المضيف) اي الخلايا التي تتعايش معها مثل “الانترلوكين - 1” علاوة على ذلك يلاحظ ان لهذه البكتيريا القدرة على استقبال جينات جديدة من خلال التحول الجيني الافقي الذي يمنحها بنى جديدة مضادة للجينات تمكنها بدورها من الافلات من حصانة المضيف وتغير استجابتها للمضادات الحيوية.
المراحل الاربع لالتهاب السحايا
وثمة أربع مراحل تتحكم بتطور التهاب السحايا البكتيري الحاد، وتحدد للطبيب الاستراتيجية العلاجية او الوقائية. وتتضمن المرحلة الاولى اصابة الأغشية المبطنة للمسالك التنفسية (الظهارة)، فبفضل بعض المستقبلات النوعية الموجودة في هذه الأغشية، تتمكن البكتيريا من الالتصاق بأسطح المسالك التنفسية وتستوطن فيها بشكل يجعلها تتكاثر قبل غزو الطبقات الأعمق متجهة نحو جدر الأوعية (البطانة) الدموية.
وتتمحور المرحلة الثانية أو الدخول الى الدم حول التصاق البكتيريا بالبطانة والعبور الى الدم مروراً بالخلايا. وفي هذه المرحلة تدمر البكتيريا نفسها بنفسها وهو ما يسمى بالتحلل الذاتي، مطلقة وسائطها المسببة للالتهابات مع ما تحتويه من مواد سامة، كما انها تنشط عملية تجنيد الخلايا الضالعة في الاستجابة للالتهاب (خلايا متعددة الأنوية وكثيرة المتعادلات)، الامر الذي يمكنه ان يحدث صدمة انتانية او سامة. وفي المرحلة الثالثة، تتمكن البكتيريا من التحرر من الحاجز السحائي الدموي الذي يفصل الدم عن الدماغ. وحتى الآن لم تزل آلية هذه العملية غير معروفة جيداً للأطباء ويعتقد البعض ان التحلل البكتيري ينشط جدر الأوعية (البطانة) ويفكك بناء على ذلك الروابط الضيقة بين الخلايا مسهلاً مرور البكتيريا والخلايا متعددة الأنوية وكثيرة المتعادلات.
وبالوصول الى المرحلة الرابعة نلاحظ حدوث تدمير تام للحاجز السحائي الدموي اضافة الى حدوث خلل دماغي كبير، فعملية انتاج الوسائط الناتجة بدورها عن الارتكاس الالتهابي لخلايا المضيف تكون كافية لإمرار تلك الوسائط، وهو ما يمثل موضعياً حدوث عطب لا يمكن الحد منه او ايقافه في النظام العصبي المركزي.
الوقاية صعبة لكنها فعالة
الوقاية من مرض التهاب السحايا البكتيرية صعبة لكنها تبدو فعالة في كثير من الاحيان، ومن سوء الطالع ان التدابير الوقائية لا تتخذ الا بعد فوات الأوان او بعد انطلاق الاشارة التحذيرية من خلال مراكز المراقبة الصحية في بعض الدول المتقدمة.
وتتضمن هذه التدابير توجيه بعض النصائح والتوصيات المتعلقة بالغذاء وخاصة لبعض المجموعات التي تنتقل اليها العدوى عن طريق جرثومة اللستيرية مثل النساء الحوامل وكبار السن الذين تقل لديهم المناعة الذاتية، فعلى سبيل المثال يجب على هذه الفئة، العناية بغسل الخضار ورفع الطبقة الخارجية لبعض الأجبان.. الخ.
وتتضمن طرق الوقاية أيضاً، صرف عقاقير وقائية كالمضادات الحيوية الفعالة لاسيما في حالات الاصابة بالالتهاب الناتج عن المكورات السحائية او الناتج عن Haemophilus Influenzae-B.
وتوجه هذه المضادات عادة الى الاشخاص الذين يعيشون تحت سقف واحد او لأولئك الذين تبادلوا مع المريض قبلة على الفم او تعدت فترة التواصل فيما بينهما أكثر من 4 ساعات خلال الاسبوع السابق للاصابة.
وفي هذه الحالات تنتقل العدوى عن طريق قطرات من اللعاب وتستوطن البكتيريا في البلعوم قبل تبعثرها في الدم والسحايا الدماغية. وتعمل المضادات الحيوية على الحد من عملية الانتقال البلعومي والوصول الى الدم.
ويلجأ الطبيب الى اعطاء المريض عقار ال “Rifampicine” مرتين في اليوم لمدة يومين.
ولوحظ خلال السنوات الاخيرة الماضية حدوث تضخم مبالغ فيه في استعمال المضادات الحيوية الوقائية علماً بأن هذا النوع من الوقاية الموجه عادة الى مجموعات لا يخشى عليها الخطر، يمكن ان تكون سبباً لظهور مقاومة قوية مضادة للمضادات الحيوية.
الجدير بالذكر ان للقاحات دوراً أساسياً في العلاج، لكن لابد من تناولها بعناية فائقة، لأن المناعة الواقية تتطلب عدة اسابيع قبل ان تتخذ موضعها وتصبح فعالة، علاوة على ذلك تتطلب بعض اللقاحات اللجوء الى عدة حقن. واليوم لا يوجد لقاح من هذا النوع ضد جميع الانواع البكتيرية الضالعة في حدوث التهاب السحايا، فعلى سبيل المثال لا نمتلك اليوم لقاحات ضد اللستيرية.
وثمة لقاحات تستخدم مع جميع الاشخاص كاللقاحات المضادة للسل (BCG) او المضادة (للهيموفيليس أنفلونزا B) او تلك المضادة للمكورات الرئوية، كما تستخدم لقاحات اخرى ضمن اطار وقائي اثناء السفر الى المناطق التي تنتشر فيها الجوائح بشكل واسع كاللقاحات المضادة للمكورات السحائية.
وفي الآونة الاخيرة ظهر نوع من اللقاحات الجديدة المضادة للمكورات الرئوية تسمى اللقاحات متعددة السكريات وهي لقاحات مزودجة أو مترافقة.
ويتطلب اللقاح الكامل ثلاث حقن تبدأ من عمر الشهرين، ثم يعاد عند الشهر الثاني عشر والخامس عشر. وتصل فعالية هذا اللقاح الى 95% تقريباً، وخاصة لدى الاشخاص الذين يتعرضون الى مخاطر أكثر من غيرهم أو اولئك الذين يعانون من مشاكل صحية في الطحال او أصيبوا بالأنيميا المنجلية.
يذكر ان تقنية اللقاحات المترافقة التي ظهرت خلال السنوات الأخيرة، تعتمد على ايجاد أنواع جديدة من اللقاحات التي تظهر فعاليتها الكبيرة عند صغار السن.
وكانت دراسة امريكية في مدينة كاليفورنيا قد أثبتت فعالية هذا النوع من اللقاحات بعد ان تم اختباره على 37 ألف طفل وخاصة الذين تعرضوا منهم للاصابة بالتهاب سحايا ناتج عن المكورات الرئوية.
وتبين ان هذه المكورات كانت السبب الاول للاصابة بذات الرئة والتهاب السحايا البكتيري وخاصة عند الاطفال او صغار السن. كما أثبتت احدى الدراسات الكندية ان اللقاح الذي يطلق عليه متعدد السكريات له تأثير فعال عند الاطفال المراهقين لكن فعاليته تقل عند اولئك الذين تقل أعمارهم عن السنتين.
0 التعليقات
إرسال تعليق