عاجل



انفجار سيارة مفخخة في ادلب بسوريا وسقوط العشرات بين قتيل وجريح


...

| 0 التعليقات ]

لقضية حقوق المرأة أبعادها الاجتماعية والثقافية والفكرية والسياسية داخل بنية كل مجتمع، ولها أبعاد ذات طبيعة إنسانية تتجاوز حدود البنية المجتمعية، والسؤال هو أين نحن من حقوق المرأة ؟؟ ونحن ما زلنا حتى الآن نتساءل حول تعليم المرأة وخروجها للعمل، ثم الحجاب وقضايا الطلاق والزواج والتأديب وتعدد الزوجات، والصراع حول الاختلاط وتولي المرأة للقضاء.
في عصور الانحطاط والتخلف يتم التركيز على الجوانب الأضعف وتختفي " النساء شقائق الرجال" لتحل محلها " ناقصات عقل ودين" ويقف الخطاب عند " كيدهن عظيم" ويعود الحل للوأد ( الشادور) والدفن على سطح الأرض.
خطاب لفتني وأنا أقرأ للكتاب نصر حامد أبو زيد فحاولت استعراض الكتاب لتوجيه النظر إليه فهو كتاب هام للرجال وللنساء على وجه الخصوص.

تحول خطاب " النهضة " إلى خطاب " الأزمة"

لقد تحول الخطاب من خطاب " النهضة " - الذي لا يفرق على أساس الدين أو العرق أو الطائفة ولا يفرق بين الأنا والآخر ويجمع المشتت فالجزء لا قيمة له خارج المنظومة ولذلك احتقار المرأة احتقار للإنسان - إلى خطاب " الأزمة" وسبب التحول يعود إلى :
- أزمة الوجود العربي التي بلغت ذروتها في هزيمة 1967 حيث بدأ الإحساس بالعار والخجل وانجرحت الذات الرجولية، فقد كانت الهزيمة نقطة مراجعة لكل ما كان متفق عليه سياسياً واجتماعياً وثقافياً وفكرياً. ثم تتابعت الهزائم بعد ذلك في 73 ثم اتفاقية كامب ديفيد، واجتياح بيروت، وحرب الخليج الأولى والثانية، ومفاوضات السلام ( مدريد – أوسلو – غزة أريحا ... ) ومحاصرة العراق وليبيا وسوريا والصمت على ممارسات الكيان الصهيوني الإرهابي الذي يتحدى القرارات الدولية في فلسطين ولبنان.
وتوالت الهزائم وتواليها يؤدي إلى طرح أسئلة " الهوية " و " التراث" و " الخصوصية" من منظور طائفي في الغالب، وإلى اضطهاد الأقليات وتهميشها وينشط الخطاب السلطوي القاهر العاجز عن الإنصات أو الحوار الذي يدعي امتلاك الحقيقة ويزعم لنفسه مرجعية عليا مستمدة من السماوي.
واختفاء الثنائية القطبية بتفكيك الاتحاد السوفيتي وانتفاء التعددية في العالمي وتحولها إلى الديكتاتورية والهيمنة الأمريكية والحالة هذه تعمق مصطلح " صراع الحضارات " وتساهم في تغذية الطائفية العرقية، وقيام السوق الأوروبية المشتركة التي أبقت العالم الثالث خارج أسوارها وتحكمت في مقدراته واستغلت ثرواته.
أمام تلك الأزمات لجأت الذات العربية إلى الهروب إلى الماضي إلى الهوية الذاتية الأصلية ... إلى الرجولة ... وعلى المستوى السياسي حدث " التشرذم" هروباً من الوحدة، وعلى المستوى الاجتماعي استيقظت " الطائفية" بدلاً عن القومية، وعلى مستوى الانتماء حل الدين محل الوطن والمصالح المشتركة والتاريخ ...
أما بالنسبة للآخر عدونا التاريخي فقد تسلم القيادة وواصل انتصاراته حين استمرت إسرائيل في عربدتها وتزعمت الولايات المتحدة النشاط العالمي الجديد وسيطرت على الأمم المتحدة ومجلس الأمن وأعلنت الإسلام عدواً للعرب وهي تفتح في كل يوم جرحاً حتى أوشك المجروحون أن ييأسوا، واختفى الرفيق الذي يلوذون بحمايته وبات العرب أتباعاً ذلولين داخل منطقة الضياع وافتقاد الأمل، مما جعل الأفراد يلتفون حول الخطاب الإسلامي الذي يشعل ناره على الغرب السياسي والإمبريالي حتى شمل غضبه مجمل الحضارة والثقافة والتراث الإنساني الغربي. مدوا أيديهم للسلام مقابل الأرض وهزأ العدو الذي حصل على السلام منهم فلم يعطهم الأرض.

ثلاثية " التشرذم" و " الطائفية " و " غطاء الدين "

يرى المؤلف أن الثلاثية في تشكيلة واحدة لا تفرخ إلا الإرهاب على جميع المستويات : المسلم ضد المسيحي والعكس، والسني ضد الشيعي والعكس، وفي هذا السياق المفعم بالعنف يزداد عنف الرجل ضد المرأة.

حل الأزمة

الحلول المطروحة للخروج من الأزمة في الخطاب العربي المعاصر تتركز كلها حول رأي السلفيين بأن الإسلام هو الحل، ورأي الابستمولوجيين إلى أن القطيعة مع الماضي هي الحل، ورأي التجديديين الذين يرون أن تجديد الماضي / التراث هو الحل.
ولقد ركز المؤلف في كتابه حول الأزمة ودوائر الخوف على النص الديني مؤولاً له، وموضحاً البعد المفقود للمرأة في الخطاب الديني الذي يعالج النص القرآني بمعزل عن سياق الواقع الاجتماعي العام فيقع في هوة الحديث عن المرأة بوصفها أنثى ونداً للرجل فيركز على الفروق العقلية والذهنية والعصبية بينهما.
وبوصفها مسلمة يركز على حرصه على كرامة المرأة وآدميتها ولذلك يرغب في ألا تعمل وتلتزم بالحجاب متجاهلاً المرأة المسيحية وغيرها من النساء ... ويركز على النصوص الشاذة والاستثنائية.
ركز المؤلف عليها ثم نزل بتلك المبادئ المثالية التي تخاطب الإنسان إلى الواقع، محاولاً الخروج من دائرة الخوف، وكان منصفاً حين لم يلجأ إلى الغرب واعتبر ما يمارسونه ضد الدول المتخلفة والصغرى من إذلال واستغلال واحتقار يجعله يشكك في أن المقصود بالإنسان في شرعة حقوق الإنسان هو الأوروبي دون غيره من البشر وذلك من منطلق إيمانه أن المأزوم تسيطر عليه دائماً خشية تعقد الأزمة فيميل إلى الحلول المجهزة دون أن يلجأ إلى الانتقام غير الواعي إلى رؤية الجانب المظلم لأوروبا – أوروبا العري والشذوذ والتفكك ويترك أوروبا العلم والنهضة.
كما ورفض التأكيد دائماً على أن القرآن ثم الإسلام يعزز حقوق الإنسان ويساندها والمرأة كإنسان وأنه قد سبق حضارة القرن العشرين في تقرير حقوق الإنسان والديمقراطية . فالإنسان في الفكر الإسلامي هو المفكر عند المعتزلة، والعارف عند الصوفية والفلاسفة وهو المكلف المطيع عند الفقهاء وغاب عنه الإنسان " الكائن الاجتماعي" غير المعارف أو المطيع في ذلك الفكر. أي الإنسان كظاهرة إنسانية وليس إسلامية فقط.
ودعا في هذا السياق للتركيز على النصوص التي تؤكد المساواة دون إدراك للسياق السجالي في مخاطبة القرآن الكريم وفي عملية إهدار السياق تلك كان يقيّم التأويل كما يعتمد التأويل المضاد الذي يقوم على نهج التلاعب الدلالي بالنص الديني قرآناً أو سنة دون اعتبار لطبيعة تلك النصوص تاريخاً وسياقاً وتأليفاً بمعنى التركيب والتكوين لغة ودلالة.
وعمد إلى تأويل المرويات على نفس منهج الاختلاف حول ( الدلالة) دون التطرق إلى (سلامة) الرواية من حيث السند والمتن من ناحية، ودون التطرق إلى ما إذا كان النص المروي في حالة سلامته سنداً ومتناً – نصاً تشريعياً بالمعنى الديني أم كان نصاً واصفاً لتقاليد العصر، حتى يساعد في فهم مسالة المساواة في ظل مسألة " القوامة " و" الأفضلية" و " حق التأديب" .
تأويل ناشئ عن قراءة سياقية تتولى علم أسباب النزول من منظور السياق الاجتماعي والتاريخي والناسخ والمنسوخ وعلوم اللغة كعلوم أساسية لتفسير واستخراج الأحكام واستنباطها من النصوص.
قراءة سياقية تميز بين المعاني والدلالات التاريخية المستنبطة من السياق من جهة وبين المغزى الذي يدل عليه المعنى في السياق التاريخي والاجتماعي من جهة أخرى. مع مراعاة سياقات أخرى مثل سياق ترتيب النزول وسياق السرد في سياق القصص ومستوى التركيب اللغوي.

الإسلام والديمقراطية والمرأة

وبالرغم من كونه كاتباً مصرياً إلا أنه استعرض كتاباً لامرأة مغربية وتناول المرأة والأحوال الشخصية في الخطاب التشريعي التونسي متوجهاً في تحليله إلى المغرب العربي محللاً في أحد الفصول كتاب " الإسلام والديمقراطية والمرأة " لفاطمة البرنيسي مستعرضاً دوائر الخوف من الغرب الأجنبي ومن الإمام والديمقراطية وحرية الفكر والماضي والحاضر والفردية التي تناولتها في سبعة فصول موضحاً أن قضايا المرأة في خطابها ليست قضية جنس مؤنث أو مذكر ولا قضية تخلف اجتماعي أو انحطاط فكري، وليست بالقطع مجرد قضية دينية ، بل هي بالإضافة إلى كل ذلك أزمة السلطة السياسية في علاقتها بالناس منذ فجر التاريخ العربي.
وفي الفصل التالي تناول القانون التونسي بين العلمانية وجذور التراث الإسلامي ليؤكد أن النخبة الحاكمة التي قادت حركات الاستقلال السياسي قد استسلمت للتأثير الغربي ثقافياً وفكرياً وحضارياً. وقد أدى هذا إلى نوع من التبعية الأكثر وحشية من التبعية السياسية السابقة. حيث أدت إلى سقوط الهوية الثقافية والفشل على جميع المستويات. وتناول بالتحليل العديد من التغيرات مثل منع تعدد الزوجات وواجبات الزوج في الإنفاق على الزوجة وجواز امتناع الحاضنة من الحضانة وشهادة المرأة ...وغيرها، ناقشها محاولاً وضعها في سياق القرآن الكريم ثم في سياقه الأوسع مما منحه الفرصة للتوصل إلى البعد المضمر أو المسكوت عنه في الخطاب.

أنا أفكر إذن أنا مسلم

اجتهد نصر حامد أبو زيد وفتح باب النقاش والحوار حول كثير من الإشكاليات التي تهم المسلم المعاصر؛ فهُجّر من وطنه وأهله، وحرم من طلابه ليحيا في المنفى . ولكن لم يمنعه ذلك من أن يصدر كتابه " دوائر الخوف – قراءة في خطاب المرأة في طبعته الثانية عن طريق المركز الثقافي العربي وهو يؤمن أنه قد كتبه بإيمان عميق بصلابة الإسلام القائم على العقل والحجة القائمة على التمكن من المعرفة وتمارس أحدث أساليبها وأدواتها المستخدمة في القرن العشرين، وبإيمان بالثوابت الدينية في العقائد والعبادات.
ولقد أهدى الكتاب الذي جاء في (309 ) صفحة إلى زوجته ابتهال يونس وبنات جنسها وأبنائهم وبناتهم لوقوفها معه ضد " القبح" في الزمن الرديء معتبراً موقفها دليلاً دامغاً على أن الرجل شريك المرأة في الحياة وليس العكس.
لفدعرض الكاتب قضية المرأة واجتهد فاختلف معه الكثيرون واتفق معه الكثيرون وكان كل ما طرحه أسئلة وأفكار قابلة للنقاش لم يفرضها على أحد تاركاً للجميع حرية التفكير.

0 التعليقات

إرسال تعليق

 
Privacy Policy